تَكَلَّمَ قَداسَةُ البابا علَى صلاةِ المُشاهَدَة. قالَ قَداسَتُهُ: في المُشاهَدَة يُمْكِنُ أنْ نَتأمَلَ وَنَنْظُرَ وَنُصْغيَ إلى كُلِّ ما في الوُجود. فالمُشَاهَدَةُ هيَ طَريقَةٌ في كَيْفِيَةِ الوُجود. بَيْنَما صَلاةُ المُشاهَدَة ليْسَت مَسْألَةَ نَظَرٍ بالعَيْنَيْن، بَلْ مَسْأَلَةُ نَظَرٍ بالقَلْب. وَهُنا يأتي دُوْرُ الصَّلاة، بِكَوْنِها فِعْلَ إيمانٍ وَمَحَبَّة، وَبِكَوْنِها نَفَسَ عَلاقَتِنا مَعَ الله. الصَّلاةُ تُنَقِي القَلْب، وَتُنِيرُ أيضًا النَظَر، فَتَسْمَحُ لنا بِفَهْمِ الواقِعِ مِن وِجْهَةِ نَظَرٍ أُخْرَى. يَقولُ التَّعليمُ المَسِيحيّ إنَّ صَلاةَ المُشاهَدَة هيَ نَظْرَةُ إيمان، بِها نُحَدِّقُ في يَسوع. أَنْظُرُ إليه وَيَنْظُرُ إلَيّ. وَنُورُ نَظْرَةِ يَسوع يُنِيرُ عُيُونَ قَلْبِنا، وَيُعَلِّمُنا أنْ نَرَى كُلَّ شَيءٍ في ضَوْءِ حَقِيقَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ لِجَميعِ الناس. في صَلاةِ المُشاهَدَة التي نُعَبِّرُ عَنْها في الحُبّ، وَهِيَ نَموذَجٌ لِلصَلاةِ الأكْثَرِ حَمِيمِيَّة، لا نَحْتاجُ إلى كَلِماتٍ كَثِيرة: يَكْفي أنْ نُلْقِيَ نَظْرَة، وَيَكْفِي أنْ نَكون مُقْتَنِعينَ بأنَّ حَياتَنا مُحاطَةٌ بِحُبٍّ كَبِيرٍ وَأمِينٍ لا يُمْكِنُ لأيِّ شَيءٍ أنْ يَفْصِلَنا عَنْهُ. هذا ما حَدَثَ لِلرُسُلِ عِندَما شاهَدُوا تَجَلِيَّ يَسوع علَى الجَبَل. تَجَلِيّ يَسوع جاءَ في ظُروفٍ صَعْبَةٍ في حَياتِه: كَثُرَتْ المُعارَضَة لَهُ حتَى مِن بَعْضِ تَلامِيذِهِ فَتَرَكُوه، وَجاءَ التَجَلِيّ، فَجاءَ مَعَهُ نُورٌ جَديد مَلأَ الرُسَلَ وَثَبَتَهُم. وفي المَسِيحِيَّة لا يُوْجَدُ تَعارُضٌ بَيْنَ العَمَلِ والمَحَبَّة، بَلْ المَحَبَّةُ هيَ الأَساس، وَهيَ التي تُنَقِي وَتُعْطِي قِيمَةً لِكُلِّ عَمَل.
أُحيِّتي المُؤْمِنِينَ الناطِقِينَ باللُّغَةِ العَرَبِيَّة. أكَّدَ القِدّيسُ يوحنا الصّليب بأنَّ فِعْلَ مَحَبَّةٍ صَغير، مَحَبَّةٌ صافِيَّة نَقِيَّة، هُوَ أَكْثَرُ فائِدَةٍ لِلكَنيسَةِ مِن جَميعِ الأَعْمالِ الأُخرَى مُجْتَمِعَة. إنَّ ما يأتي مِنَ الصَّلاةِ وَلَيْسَ مِن ادِعاءاتِنا وَغُرُورِنا، وَما يُطَهِّرُه التَواضُع، حتَى لَو كانَ فِعْلَ مَحَبَّةٍ مُنْعَزِلًا وَصامِتًا، هُوَ أَعْظَمُ مُعْجِزَةٍ يُمْكِنُ أنْ يُحَقِقَها المَسِيحِيّ. بارَكَكُم الرَّبُّ جَميعًا وَحَماكُم دائِمًا مِن كلِّ شرّ!
Follow