زمن العنصرة |
الاحد الحادي عشر من زمن العنصرة |
الرسالة: (اف 2 : 17 - 22) اف-2-17: جاءَ وبَشَّرَكم بِالسَّلام أَنتُمُ الَّذينَ كُنتُم أَباعِد، وبَشَّرَ بِالسَّلامِ الَّذينَ كانوا أَقارِب،
|
الانجيل (لو 19 : 1 - 10) دَخَلَ أَرِيْحا وَبَدأَ يَجْتَازُها، وإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، كانَ رَئِيسًا لِلْعَشَّارِينَ وَغَنِيًّا. وكَانَ يَسْعَى لِيَرَى مَنْ هُوَ يَسُوع، فَلَمْ يَقْدِرْ بِسَبَبِ الـجَمْعِ لأَنَّهُ كانَ قَصِيرَ القَامَة. فَتَقَدَّمَ مُسْرِعًا وَتَسَلَّقَ جُمَّيْزَةً لِكَي يَرَاه، لأَنَّ يَسُوعَ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ بِهَا. وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى المَكَان، رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَيْهِ وقَالَ لَهُ: "يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وانْزِلْ، فَعَلَيَّ أَنْ أُقِيمَ اليَومَ في بَيْتِكَ". فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ واسْتَقْبَلَهُ في بَيْتِهِ مَسْرُورًا. وَرَأَى الـجَمِيعُ ذـلِكَ فَأَخَذُوا يَتَذَمَّرُونَ قَائِلين: "دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئ". أَمَّا زَكَّا فَوَقَفَ وَقَالَ لِلرَّبّ: "يَا رَبّ، هَا أَنَا أُعْطِي نِصْفَ مُقْتَنَياتِي لِلْفُقَرَاء، وَإنْ كُنْتُ قَدْ ظَلَمْتُ أَحَدًا بِشَيء، فَإِنِّي أَرُدُّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَضْعَاف". فقَالَ لَهُ يَسُوع: "أَليَومَ صَارَ الـخَلاصُ لِهـذَا البَيْت، لأَنَّ هـذَا الرَّجُلَ هُوَ أَيْضًا ابْنٌ لإِبْرَاهِيم. فإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ جَاءَ لِيَبْحَثَ عَنِ الضَّائِعِ وَيُخَلِّصَهُ".
|
تأمل في الانجيل: للاب بيار نجم LEX AMORIS نقلاً عن
زكّا مثال الباحث عن ملكوت الله: يسوع يدخل أريحا في طريقه نحو أورشليم. أريحا بوابة الأرض المقدّسة، منها دخل الشعب إلى الأرض بقيادة يشوع ابن نون (يش 6). ويسوع اين مريم يدخل الأرض مجدّداً، يقود كنيسته، شعب الله الجديد، الأمّة المقدّسة السائرة نحو أورشليم السماويّة. الأعمى يصرخ "يا ابن داود ارحمني" وينال الخلاص، ولكن زكّا يبقى صامتاً، يراقب، يتحيّن الفرصة. مثل كلّ واحد منّا يعلم أنّه خاطيء. مثلنا أحياناً، يفكّر في ما سوف يقول عنه الآخرون إن اقترب نحو يسوع، فهو من كبار جباة الضرائب، يخافه الآخرون ويحتقره الفريّسيّون، هو الخاطئ في نظرهم. يفكّر أيضاً، ماذا يقول عنه الرّب؟ مثلنا يخاف حكم الله، يظنّ نفسه هالكاً، ومثلنا أيضاً، تبقى في قلبه ذرّة رجاء، حالم بخلاص الله، طامع بلمسة من يسوع تشفي يأسه. مثلنا أيضاً، يجد نفسه قصير القامة، لا يقدر أن يرى السيّد بسبب قامته، أي بسبب عجزه الطبيعيّ عن الوصول إلى معاينة الله، وبسبب خطيئته أيضاً، خطيئة تمنعه من الإقتراب، وبسبب الآخرين لا يعاين يسوع.\ قصر قامة زكّا هي صورة عن عدم قدرة طبيعتنا الإنسانيّة على الدخول في علاقة مع الله المختلف عنّا بطبيعته: كيف يمكن للإنسان أن يعرف الله وأن يدخل في علاقة معه؟ كيف يمكن لطبيعة مائتة أن تلاقي الأبديّ؟ وقصر القامة أيضاً هي صورة عن الخطيئة التي تمنعنا من قبول الرّب. الخطيئة هي رفض لله ولوجوده في حياتنا. لا يمكننا أن نختار الله والخطيئة. ولكن قصر قامة زكّا ما كانت لتمنعه من رؤية المخلّص لو لم يحجب الآخرون المسيح عن ناظريه. هي أيضاً صورة كلّ واحد منّا حين يجد نفسه خارج الجماعة، مهمّشاً، موضوعاً في خانة ما يقرّرها المجتمع. وأحياناً نكون واحداً من أولئك الّذين يمنعون الآخرين من رؤية المسيح. ولكن قصر قامتنا لم يكن عائقاً أمام المسيح، ولا أمام زكّا: فالله ألغى الحاجز بين طبيعته الإلهيّة وطبيعتنا الإنسانيّة بتجسّد المسيح، فالمسيح الإله والإنسان صار وسيلة لقاء بين الطبيعتين، وصار بإمكاننا العودة إلى علاقة البنوّة الإلهيّة. الشجرة التي صعد اليها زكّا هي شجرة الحياة المزروعة في وسط الجنة، حيث كان الإنسان يحيا في علاقة حبّ مع الآب، علاقة جدّدها المسيح بتجسدّه. ولأنّه أب يحبّ كلّ واحد منّا، لم تعد للخطيئة قوّتها القاتلة، فبموت الرّب تكفيراً عن خطيئتنا أعادنا إلى صداقتنا مع الآب. أعطانا سرّ المغفرة، سرّ المصالحة مع الله. الشجرة التي تسلّقها زكّا ليعاين الله، هي شجرة الصليب التي عُلِّق عليها المسيح، ثمرة الحياة، ليعطينا الغفران والحياة الجديدة. ولأن خلاص الله هو نعمة تُعطى من حنان الآب، ولكنها تتطلّب قبولنا وجهادنا، فالرّب يطلب منّا المشاركة، يطلب منّا تخطّي العوائق التي تمنعنا من الوصول اليه، يطلب منّا أن نصنع كما زكّا، نجد الوسيلة التي تجعلنا نبصر المخلّص رغم العوائق. يدعونا المسيح ألاّ نسمح لعوائقنا الجسديّة، والنفسيّة والروحيّة والإجتماعيّة أن تكون حاجزاً يحول دون وصولنا إلى الخلاص. لقد تسلّق زكّا الشجرة، فتّش عن مخرج، لم يسمح لعائقه الجسديّ، ولا لعقدة نقصه حيال الفرّيسيّين، ولا للخطايا التي اقترفها في ماضيه، ولا للمجتمع الّذي قرّر أن يضعه في خانة الخطأة المهمّشين، لم يسمح لكل هذا أن يمنعه من الوصول إلى المسيح. لقد أخذ المبادرة، وتسلّق تلك الشجرة. هي دعوة لنا اليوم أن نخرج عن صمتنا وخوفنا، أن نعمل شيئاً لنظهر لنفسنا أوّلاً وللرّب بنوع أخصّ، أن لا شيء يقدر أن يمنعنا عن الوصول إلى الخلاص: لا خطايا ماضينا، ولا ضعف قوانا، ولا خوفنا ولا يأسنا ولا مشاكلنا، ولا نظرة المجتمع الينا، لا شيء يقدر أن يحول دون وصولنا إلى الخلاص. رواية زكّا هي دعوة لنا لنبدأ من جديد، لنفتّش عن بداية جديدة، نرتفع من خلالها عن واقعنا اليائس كما ارتفع زكّا ذاك اليوم فوق كلّ ما يحيطه، ونرى المسيح ينظر الينا، يشاهدنا رغم زحمة الجموع، يقرأ ما في قلبنا من رغبة وشوق للخلاص. نسمع صوت المسيح يدعونا للعودة، للنزول، فدعوتنا ليست في البقاء في الأعلى هرباً من الواقع والمجتمع، بل واجبنا أن نعود إلى حيث كنّا، لنخبر الآخرين بما رأينا حين ارتفعنا للقاء الرّب في الصلاة، في التأمّل، في الإختلاء. دعوتنا أن نعود إلى واقعنا اليوميّ لنطهّره، ننقيّه من الشوائب والأخطاء، نحوّله من واقع خطيئة إلى حالة نعمة، نحوّل وجودنا إلى مكان بركة يقول لنا الله أنّه سوف يحلّ فيه هذا المساء ضيفاً، يقاسمنا خبزنا اليوميّ، يشاركنا فرحنا، فرح الخلاص الّذي هو وحده يقدر أن يعطينا إيّاه.
|
Contact
mail@gemini-theme.com
+ 001 0231 123 32
Info
All demo content is for sample purposes only, intended to represent a live site. Please use the RocketLauncher to install an equivalent of the demo, all images will be replaced with sample images.
Follow