زمن الدنح |
الاحد الأول بعد الدنح |
الرسالة: (2كور 10: 1 – 11) أنا بولسُ نَفسي، أُناشِدُكُم بِوَداعَةِ المسيحِ وحِلمِه، أنا المُتواضِعُ بَينَكُم عندما أكونُ حاضِرًا، والجَريءُ عليكم عندما أكونُ غائِبًا. وأرجو ألاَّ أُجْبَرَ عندَ حُضوري أن أكونَ جَريئًا، بالثِقَةِ التي لي بِكُم، والتي أنوي أن أجْرُؤَ بها على الذينَ يَحْسَبونَ أنَّنا نَسْلُكُ كَأُناسٍ جَسَدِيِّين. أجَل، إنَّنا نَحيا في الجسَد، ولكنَّنا لا نُحارِبُ كأُناسٍ جَسَدِيّين؛ لأنَّ أسلِحَةَ جِهادِنا لَيسَتْ جسديِّة، بل هيَ قادِرَةٌ باللهِ على هَدْمِ الحُصونِ المَنيعَة؛ فإنَّنا نَهدِمُ الأفكارَ الخاطِئَة، وكُلَّ شُموخٍ يَرتَفِعُ ضِدَّ مَعرِفَةِ الله، ونأسُرُ كُلَّ فِكرٍ لطاعَةِ المسيح. ونحنُ مُستَعِدّونَ أن نُعاقِبَ كُلَّ عُصيان، متى كَمُلَتْ طاعَتُكُم. إنَّكُم تَحكمونَ على المَظاهِر! إن كانَ أحَدٌ واثِقًا بنفسِهِ أنَّهُ للمسيح، فَلْيُفَكِّر في نفسهِ أنَّهُ كما هوَ للمسيحِ كذلِكَ نحنُ أيضًا. فأنا لا أخجَلُ إن بالَغتُ بَعضَ المُبالَغَةِ في الإفتِخارِ بِالسلطانِ الذي وَهَبَهُ الربُّ لنا لِبُنيانِكُم لا لِهَدمِكُم. ولا أُريدُ أن أظهَرَ كأنّي أُخَوِّفُكُم بِرَسائلي؛ لأنَّ بَعضًا مِنكُم يَقولون: "رَسائِلُهُ شَديدَةُ اللّهجَةِ وقَويَّة، أمّا حُضورُهُ الشخصِيُّ فَهَزيل، وكَلامُهُ سَخيف!". فَلْيَعْلَم مِثلُ هذا القائِلِ أنَّنا كما نحنُ بالكَلامِ في الرسائِل، عندما نَكونُ غائِبين، كذلك نحنُ أيضًا بالفِعل، عندما نكونُ حاضِرين. |
الانجيل: (يو 1: 29 – 34) في الغَدِ رأَى يوحنّا يسوعَ مُقْبِلاً إلَيهِ فَقال: "ها هوَ حَمَلُ اللهِ الذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم. هذا هوَ الذي قُلتُ فيه: يأتي ورائي رَجُلٌ قَد صارَ قُدّامي، لأنَّهُ كانَ قَبلي. وأنا ما كُنتُ أعرِفُهُ، لكِنّي جِئتُ أُعَمِّدُ بالماءِ لكي يَظْهَرَ هوَ لإسرائيل". وشَهِدَ يوحنّا قائلاً: "رَأيتُ الروحَ نازِلاً كحَمامَةٍ مِنَ السَماء، ثُمَّ اسْتَقَرَّ عَلَيه. وأنا ما كُنْتُ أعْرِفُهُ، لكِنَّ الذي أرسَلَني أُعَمِّدُ بالماءِ هوَ قالَ لي: مَن تَرى الروحَ يَنْزِلُ ويَسْتَقِرُّ عليه، هوَ الذي يُعَمِّدُ بالروحِ القُدُس. وأنا رَأيتُ وشَهِدْتُ أنَّ هذا هوَ ابْنُ الله".
|
تأمل في الانجيل: يرى يوحنا الانجيلي في دور يوحنا المعمدان صورة النبي الذي جاء يربط العهدين: القديم والجديد ويعلن استمرارية عمل الله الخلاصي الذي تم بتجسيد يسوع المسيح. انما بالنسبة للانجيلي الرابع، يوحنا المعمدان ليس السابق، انما الشاهد. "فأقرّ، وما أنكر، قال": هذا التشديد على عبارات الاعلان هي رسالة الى الجماعة الكنسية التي كان يوحنا على رأسها، التشديد على ضرورة اعلان حقيقة يسوع المسيحانية والالهية، ولو كان الثمن الخروج من المجمع اليهودي. فكل مرة يستعمل يوحنا عبارة "شهد" كان الأمر يتعلق بخطر الاقصاء من المجمع اليهودي (2، 22؛ 12، 42 ...). هي اذاً دعوة لكل تلميذ لعدم المساومة على اعلان حقيقة يسوع كالمسيح الآتي وكابن الله. - يوحنا المعمدان ينفي عنه كل صفة مسيحانية، ما هو الا الشاهد الذي يعد طريق الرب من خلال دعوة الشعب للتوبة. هو ليس أهل حتى لأن يحل سير نعل المسيح، وهو عمل كان يقوم به الأدنى بين عبيد سيد روماني. - حمل الله، رافع خطيئة العالم: يتميّز يوحنا عن سائر الاناجيل باستعمال صورة الحمل الرمزية. قد يكون مصدر هذا الرمز سفر اشعيا الذي يتكلم عن الحمل الذي يُساق الى الذبح (53، 7) وبهذا الشكل يعلق يوحنا ان يسوع هو عبد يهوه المتألم، او قد يكون صورة الحمل المرتبطة بسفر رؤيا يوحنا: الحمل المذبوح والمنتصب والقادر على الانتصار على الخطيئة (رؤ 5،6؛ 14، 10؛ 17، 14) او قد يكون حمل الفصح الذي اشار يوحنا اليه في رواية الصلب حين قال: "وكان يوم تهيئة الفصح نحو الساعة السادسة" (19، 14) اي الساعة التي يُذبح فيها حمل الفصح، او "لن يُكسر له عظم (19، 36) اشارة الى الحمل الفصحي (خر 12، 46؛ عدد 9، 12). ورائي: بعض الشرّاح يرون في هذه العبارة ان المسيح قد انتسب الى جماعة يوحنا المعمدان وكان تلميذا له. انما ليس هناك اي دليل علمي قاطع على هذا الامر. وقد يكون مرجحا ان عبارة بعدي هي ذات بُعد زمني "من هو مولود بعدي"، او ايضاً هي اشارة الى ان يوحنا قد بدأ رسالته قبل يسوع، فظن البعض انه اعظم منه، فكان قوله هذا اشارة الى ان كل عمل يوحنا التبشيري كان يهدف الى اعلان عظمة يسوع "ابن الله" يوحنا يعلن حقيقة يسوع الالهية، في بعض المخطوطات يريد "مختار الله" وبهذا يرتبط يسوع مجددا بصورة عبد يهوه المتألم، انما في اكثرية المخطوطات ترد عبارة "ابن الله" وهي تبقى موافقة اكثر لمحتوى الانجيل الرابع اللاهوتي. في كلا الحالتين يعلن يوحنا الانجيلي على لسان يوحنا المعمّد الشاهد ان ما سوف يقوم به يسوع سببه المصدر الالهي لرسالته، وانه قد جاء كيما بموته كحمل للّه يعطي الخلاص للجماعة من الموت والخطيئة. من خلال شخص المعمّد، يدعو يوحنا الانجيلي كل معمّد لأن يشهد للمسيح المخلص، رافع خطيئة العالم المرسل من الله لتحقيق ارادته وابن الله المعطي الخلاص. تأمّل "هذا هو حمل الله الّذي يحمل خطيئة العالم"، كلمات يوحنّا المعمدان قد افتتحت طريق آلام السيّد في مسيرته الخلاصيّة صوب الجلجلة. فالحمل رمز الكائن المسالم، غير القادر على إلحاق الأذيّة أو التسبّب بالضرر والألم، الكائن الضعيف البريء، في خطر دائم من أنياب الذئاب، صار رمزاً ليسوع الّمسالم البريء، الْذي يدخل عالمنا لا بالقدرة والعنف، بل بالبراءة والمسالمة. لم يدخل عالمنا ديّانا حين تجسّد، وحين دخل مياه الأردنّ، بل دخله مسالماً، صامتاً. هو كلمة الله لم يتكلّم، فالمعمدان تكّلم معلناً قدومه. لقد جاء بالصمت والسكينة، ليقول لنا أن قبول الله في حياتنا لا يمكنه أن يتمّ في قلب مملوء ضجيجاً وعنفاً وانتقام. قبول الله في حياتنا لا بدّ أن يتحقّق بتبنّينا نحن أيضاً منطق الحملان. على صورة معلّمنا الإلهيْ، حمل الله الْذي جاء يأخذ على كتفيه خطيئة كلّ واحد منّا. هو البريء المتألّم ظلماً. لطالما كان الألم، لا سيّما ألم البريء، حجر عثرة وشكّ لمن يفتّش عن الإيمان. لماذا يسمح الله للبريء بأن يتألّم؟ أين العدل في كلّ هذا؟ تكلّم الفلاسفة عن هذا كثيراً: بوخنر قال: "لماذا أتألّم؟ هذه هي صخرة أساس الإلحاد"، وقال لبير كامو على لسان أحد أبطال رواياته: "كلا أبتي، أرفض حتّى الموت أن أحبّ هذه الخليقة حيت يتعذّب الأطفال". نعم، على مرّ الأجيال، حاكم الإنسان الله، أنّبه على قلّة عدله، حمّله أخطاء البشريّة وشرّها، ونسي أن الله كان المتألّم الأكبر من شرّ الإنسان الّذي خلقه. نسيوا أن المسيح كان من ضمن آلاف فقراء الأمس واليوم، يولدون دون سقف يأويهم، يتسوّلون مكاناً يقضون فيه ليلهم. نسيوا أن ابن الله كان الفقير الدائم، لا مكان يضع عليه رأسه. نسيوا أن المسيح صار واحداً من أبرياء الأمس واليوم، يحاكمون دون عدل، يموتون بسبب خوف الأقوياء على مراكزهم، وبسبب سياسات وتيّارات ومذاهب. غاب عن بالهم أن ابن الله كان البريء الأعظم الّذي تألّم ظلماً، ومات مصلوباً كمجرم وكعبد. هو الحمل الّذي يحمل خطيئة العالم، يعطينا الجواب عن سؤال مؤلم: "لماذا يموت الأبرياء؟". يقول لنا: يموتون لا لقلّة عدل في الله، بل بسبب قلب أنسانيّة أعماه الظلم والشرّ والعنف. الأبرياء يموتون لأنّ الإنسان فضّل خيره على خير الآخرين. الأطفال يموتون لأنّ سياسات العالم "المتحضّر" فضّلت اقتصادها على خير الصغار، تتلف آلاف أطنان المحاصيل ليثبت اقتصادها، ويموتون الأبرياء جوعاً في أنحاء عالمنا. الأبرياء يموتون، لأنّ العالم فضّل منطق الحرب على منطق الأخوّة الّذي دعانا اليه الله، فصارت الحرب وسيلة لبيع السلاح ونمّو الخزينة، سلاح يقتل الطفل وأمه، يبيد عائلات بأسرها. الأبرياء يموتون، لأنّ الإنسان قرّر أن يحوّل الله نفسه الى سبب تقاتل، فصار الإرهاب يتّم باسم الدين، آلاف من الأبرياء يموتون تحت شعار "الثأر لله"، والأوطان تتمزّق باسم الله، بدل أن يكون الإيمان بالله الواحد هو مصدر وحدتها ورفاهها. الأبرياء يموتون، باسم الحريّة الشخصيّة، التي لم توفّر الجنين في رحم أمّه: هي قمّة العنف والقسوة، هي الحرب الصامتة تخلّف ملايين الأطفال سنويّاً، والدول تموّل هذه الحروب الصامتة، حروب الإجهاض الإراديّة، لسبب واحد: تنظيم النسل في البلدان الفقيرة. الأبرياء يموتون بسب إهمال كلّ واحد منّا لخليقة الله الجميلة: ندّمر عالمنا، نلوّث مجتمعنا، نستهلك طاقات أرضنا، نحوّل هواءنا سمّاً وبحرنا مكب نفايات، فيصبح ما نأكله مصدر موتنا، وما تننشّقه سبب مرضنا. والعالم لا يزال يوجّه الى الله إصبع الإتّهام، ليخفيّ شرّه هو، ليجد وسيلة يبرّر بها عظمة خطيئته. لقد دخل المسيح عالمنا كحمل صامت يحمل خطيئة العالم، لا يزال حتّى اليوم يحملها. دخل عالمنا ليموت عن كلّ بريء، وليعلن للعالم ضرورة تبديل منطقه، وضرورة تبنّيه منطق السلام بدل منطق العنف. لقد حمل على كتفيه خطيئتنا ليعلّمنا أهمّية التضحيّة وبذل الذات اليوميّ في سبيل تغيير واقعنا. حمل خطيئتنا ليقول لنا أنّنا كلّنا عائلة واحدة، نقوّى بقوّة الجماعة، ونموت إن هي ضعفت. لا بدّ أن نحمل على أكتافنا نحن أيضاً آلام الآخرين ونشاركهم أتعابهم، نخفّف عنهم صلبان حياتهم، نعلن لهم، من خلال وقوفنا بقربهم أن الله لا يريد ألم البريء ولا حتّى ألم الشرّير، بل يريد التوبة لكلّ واحد، لأنّ رغبته هي في أن يحيا الجميع لحياة الأبد. |
Contact
mail@gemini-theme.com
+ 001 0231 123 32
Info
All demo content is for sample purposes only, intended to represent a live site. Please use the RocketLauncher to install an equivalent of the demo, all images will be replaced with sample images.
Follow