زمن الصوم |
الاحد الثالث: شفاء المنزوفة |
الرسالة: ( 2 كور 7: 4-11) إنَّ لي عَلَيكُم دالَّةً كَبيرة، ولي بِكُم فَخرًا عَظيمًا. ولَقَد امتَلأتُ تَعزيَةً، وأنا أفيضُ فَرَحًا في ضيقِنا كُلِّهِ. فإنَّنا لَمّا وَصَلنا إلى مَقدونية، لَمْ يَكُن لِجَسَدِنا شيءٌ مِنَ الرّاحَة، بَلْ كُنّا مُتَضايقينَ في كُلِّ شيء، صِراعٌ مِنَ الخارِج، وَخَوفٌ مِنَ الداخِل! لَكِنَّ اللهَ الذي يُعَزّي المُتَواضِعينَ عَزّانا بِمَجيءِ تيطس، لا بِمَجيئِهِ فَحَسْبْ، بَل أيضًا بالتَّعزية التي تَعَزَّاها بِكُم. وقَدْ أخبَرَنا باشْتِياقِكُم إلَينا، وحُزنِكُم، وغَيْرَتِكُم عَليَّ، حتّى إنّي ازدَدْتُ فَرَحًا. وإذا كُنتُ قَد أحزَنْتُكُم بِرِسالَتي فَلَستُ نادِمًا على ذَلِك، مَعَ أنَّني كُنتُ قَد نَدِمتُ، لأنّي أرى أنَّ تِلكَ الرِّسالة، ولَو أحزَنَتْكُم إلى حينْ، قَد سَبَّبَت لي فَرَحًا كَثراً، لا لأنَّكُم حَزِنتُم، بَلْ لأنَّ حُزنَكُم أدّى بِكُم إلى التّوبة. فَقَد حَزِنتُم حُزنًا مُرضيًا لله، كَي لا تَخسَروا بِسَبَبِنا في أيِّ شيء؛ لأنَّ الحُزنَ المُرضي للهِ يَصْنَعُ تَوبَةً لِلخَلاصِ لا نَدَمَ عَلَيها، أمّا حُزنُ العالَمِ فَيَصنَعُ مَوتًا. فانظُروا حُزنَكُم هذا المُرضيَ لله كَم أنشأ فيكُم مِنَ الإجتِهاد، بَل مِنَ الإعتِذار، بَل مِنَ الإستِنكار، بَل مِنَ الخَوف، بَل مِنَ الشَّوق، بَل مِنَ الغِيرة، بَل مِنَ الإصْرارِ على العِقاب! وَقَد أظْهَرتُم أنفُسَكُم في كثلِّ ذَلِكَ أنَّكُم أبرياءُ مِن هذا الأمِر. |
الانجيل: (لو 8: 40-56) لمّا عادَ يَسوع، استَقْبَلَهُ الجَمِع، لأنَّهُم جَميعَهُم كانوا يَنتَظِرونَهُ. وإذا بِرَجُلٍ اسمُهُ يائيرُس، وكانَ رَئيسَ المَجمَع، جاءَ فارتَمى على قَدَمَيْ يَسوع، وأخَذَ يَتَوَسَّلُ إلَيهِ أن يَدخُلَ بَيتَهُ، لأنَّ لَهُ ابنَةً وَحيدَة، عُمرُها نَحوُ اثنَتَي عَشرَةَ سَنة، قَد أشرَفَت على المَوت. وفيما هوَ ذاهِب، كانَ الجُموعُ يَزحَمونَهُ. وكانَت امرأَةٌ مُصابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنذُ اثنَتَي عَشرَةَ سَنة، ولَم يَقدِر أحَدٌ أن يَشفيَها. دَنَت مِن وَراءِ يَسوع، ولَمَسَت طَرَفَ رِدائهِ، وفَجأةً وَقَفَ نَزفُ دَمِها. فَقالَ يَسوع: "مَن لَمَسَني؟". وأنكَرَ الجَميع. فَقالَ بُطرُس وَمَن مَعَهُ: "يا مُعَلِّم، إنَّ الجُموعَ يَزحَمونَكَ وَيُضايِقونَكَ!". فَقالَ يَسوع: "إنَّ واحِدًا قَد لَمَسَني! فإنّي عَرَفتُ أنَّ قوَّةً قَد خَرَجَت مِنّي!". ورأت المَرأةُ أنَّ أمرَها لَم يَخفَ عَلَيهِ، فَدَنَت مُرتَعِدَةً وارتَمَت على قَدَمَيهِ، وأعلَنَت أمامَ الشَّعبِ كُلِّهِ لِماذا لَمَسَتهُ، وكَيفَ شُفيَت لِلحال. فَقالَ لَها يَسوع: "يا ابنَتي، إيمانُكِ خَلَّصَكِ! إذهَبي بِسَلام!". وفيما هوَ يَتَكَلَّم، وَصَلَ واحِدٌ مِن دارِ رئيسِ المَجمَعِ يَقول: "ماتَت ابنَتُكَ! فلا تُزعِج المُعَلِّم!". وسَمِعَ يَسوعُ فأجابَهُ: "لا تَخَف! يَكفي أن تؤمِنَ فَتَحيا ابنَتُكَ!". ولَمّا وَصَلَ إلى البَيتْ، لَم يَدَع أحَداً يَدخُلُ مَعَهُ سِوى بُطرُس ويوحنّا ويَعقوب وأبي الصَّبيّة وأمِّها. وكانَ الجَميعُ يَبكونَ عَلَيها ويَقرَعونَ صُدورَهُم. فَقال: "لا تَبكوا! إنَّها لَم تَمُت. لَكِنَّها نائمة!". فأخَذوا يَضحَكونَ مِنهُ لِعِلمِهِم بأنَّها ماتَتْ. أمّا هوَ، فأمسَكَ بِيَدِها ونادى قائلاً: "أيَّتُها الصَّبيّة، قومي!". فَعادَت روحُها إلَيها، وفَجأةً نَهَضَت. ثُمَّ أمَرَ بأن يُطْعِموها. فَدَهِشَ أبَواها، وأوصاهُما يَسوعُ ألاّ يُخبِرا أحَداً بِما حَدَثَ.
|
تأمل في الانجيل: في مسيرة الصوم هذه، تضع الكنيسة المارونيّة في عهدتنا نصّاً، نطلق عليه إنجيل النازفة، يقدّم لنا رواية مزدوجة، حادثتي شفاء وإحياء، تقطع الثانية سير أحداث الأولى وتؤخّرها. حادثان متناقضتنان في الظاهر إنّما متكاملتان من ناحية الهدف الأدبيّ واللاّهوتي، نقرأ في كلٍّ منهما أحداث حياتنا ونجد أنفسنا معنييّن في الرسالة الإنجيليّة التي يقدّمها لوقا. إنّها رواية مزدوجة، رواية تبدأ بفتاة صغيرة ابنة اثنتي عشرة سنة على حافّة الموت بسبب مرض ألمّ بها، تقطعها رواية أخرى، رواية شفاء امرأة لا بدّ أن تكون مكتملة السنين، فيها نزف دمٍ منذ اثنتي عشرة سنة، أي أنّها دخلت البلوغ الأنثوي منذ اثنتي عشرة سنة على الأقلّ. بعد شفاء الإمرأة يكمل يسوع الطريق ليحيي الصبيّة. . |
Follow